السوفسطائيون II – كليمون روسيه
ترجمة للجزء الثاني، لنص معنونٍ بالسوفسطائيين، داخل قسم الفلاسفة الاصطناعيين من كتاب ضد-الطبيعة، للفيلسوف الفرنسي المعاصر كليمون روسيه
تمثل السوفسطائية اذن الحصيلة النهائية و الانتصار لتيار هو على الأرجح ناهل من هراقليطس. إلا أن هذا الانتصار لم يعمر طويلا. فجميع المفكرين الذين تلوا السوفساطائيين _باستثناء بعض الذريين_ أجمعوا على ادانة الاصطناع و التعبئة لصالح طبيعة مُفْسَدة: “فالسوفسطائية هي مجرد حكمة وهمية و لا حقيقية”، كما ينظر اليها ارسطو بشكل عام.
أشرس من أدان السوفسطائية كانوا بكل تأكيد هم الكلبيون. إنهم أول من حفر قبر السوفسطائية. بتواز مع سقراط و أفلاطون، و ربما بشكل أعمق اذ أن فكرهم كان أميل إلى العاطفة أكثر من العقل، أعاد الكلبيون ادانة الاصطناع و الثقافة، و أظهروا حاجة ملحة للعودة إلى الطبيعة، حاجة تحمل في طياتها النغمة الملحة و المنذرة للخطاب الأول لروسو. صرخة انذار أخلاقوية، بغطاءات ساخرة، ترمي لحرمان الانسان من الاصطناع و من الثقافة، و ارجاعه لطبيعته المفقودة بين قوسين: أنا أبحث عن انسان، يقول ديوجين_ انسان متلائم مع الطبيعة الانسانية، و ليس هذا النتاج لحضارتكم التي كست الطبيعة. من هنا تظهر وظيفة كشف العورة الكلبية : لابد من تعرية الانسان ليظهر ما هو “خاص به”، و هذا يعني أن هناك ما هو خاص بالانسان غطته الثقافة_ فكر طبعاني، ميتافيزيقي و أخلاقي، جلي البروز. فضد الجرأة السوفسطائية التي تبيح التنكر (لأنه لا وجود لشيء يمكن اخفاؤه أساسا)، تظهر الجسارة الكلبية التي تمنع الملابس، فهاته مشتبه في أنها هي التي تحجب الحقيقة و الطبيعة. مشروع كشف العورة القسري الذي يتصوره الكلبيون كجهدٍ، و كزهدٍ، هو أقرب لسباحة ضد التيار: مجاهدة متواصلة لرد التيار الذاهب من الطبيعي للاصطناعي.
إرسال التعليق