جاري التحميل الآن

الزمان هو الحاضر – أندري كونت سبونفيل

أندري كونت سبونفيل

إذا كان الزمان هو الحاضر كما أرى ذلك، فهو الأبدية أيضا، و هو الكائن _ هذا ما أسميه بالكائن-زمان_ ، و هو المادة، و هو الضرورة، و هو كذلك الفعل: هو إذن الصيرورة المادية و الضرورية، في حضورها الأبدي، و في قدرتها الدائمة على الفعل، إنه الشيء نفسه يعود، داخل راهنية حركية و متعددة و متغيرة. الكائن ليس داخل الزمان. إنه الزمان نفسه (الحاضر). إن الزمان لا يتضمن الكائن و ليس شكلا له. إنه_ أي الزمان_ ما يدوم و يصير. و هذا ما سيمكننا من كتابة أطروحة سابعة _ الزمان، هو الصيرورة_ ، هذا إذا لم تكن هاته الأطروحة ملخصا لكل ما سبق من الأطروحات. فإذا كان الكل حاضراً، و الكل متغيرا، إذ أن الحاضر بتعريفه هو دائماً ما هو جديد: فالأبدية، و الكائن، و المادة، و الضرورة أوحتى الفعل ليست إلا أشكالا مختلفة للتفكير في الحضور الكوني للصيرورة، و الذي هو ذات الزمان و حقيقته الوحيدة.

الكائن هو الزمان: و الزمان هو حضور الكائن. لهذا “نحن لا نسبح في الأنهار مرتين” و “نحن نكون و لا نكون “ كما يقول هيراقليطس. نحن لا نكون لأننا لا نكف عن التغير. و نحن أيضاً نكون لأننا نتغير. لا أحد يمكن له أن يكون دون أن يتغير. و لا أحد يمكن له أن يتغير دون أن يكون. كيف يمكن لنا أن نُعَبر بشكل أحسن، على أن مفهومي الكائن و الصيرورة بعيداً عن التنافر، هما يسندنا بعضهما البعض ؟ ليس الكائن إلا لحظة صيرورة. و ليست الصيرورة سوى تدفق _دائما متغير، دائما حاضر_ لما هو كائن. الكائن زمان: الكائن صيرورة. القولان الأخيران يحملان نفس المعنى، و هذا يقول الأهم: لاشيء كائن إلا ما يدوم و يتغير، هذا هو الكائن نفسه، و هو الحاضر ذاته.
_____________________________________________________________________

مرجع المقالة :

André Compte Sponville. L’ÊTRE-TEMPS: Quelques Réflexions sur le temps de la conscience. Presses Universitaires de France. 1999. P.151-153.

Comments

comments

إرسال التعليق